کد مطلب:239375 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:192

و نحن .. هل نملک تاریخا
و نحن أمة .. لكننا لا نملك تاریخا - و أقصد بذلك كتب التاریخ - نستطیع أن نستفید منه الكثیر فی هذا المضمار، لأن اكثر ما كتب لنا منه تتحكم فیه النظرة الضیقة، و الهوی المذهبی، و التزلف للحكام.

و أقصد ب« النظرة الضیقة » : عملیة ملاحظة الحدث منفصلا عن جذوره و أسبابه التی تلقی الضوء الكاشف علی حقیقته و واقعه ..

نعم .. اننا بمرارة - لا نملك تاریخا نستطیع أن نستفید منه الكثیر ؛ لأن المسیرة قد انحرفت، و الأهواء قد لعبت لعبتها [1] و أثرت أثرها المقیت



[ صفحه 14]



البغیض، حتی فی تدوین التاریخ نفسه .

و انه لمما یدمی قلوبنا، و یملأ نفوسنا أسی و ألما، أن نكون قد فقدنا تاریخنا، و دفناه تحت ركام من الانانیات، و العصبیات، و الأطماعع الرخیصة ، حتی لم یبق منه سوی الرسوم الشوهاء، و الذكریات الشجیة ..

و مرة أخری أقول : ان كل ما لدینا هو - فقط - تاریخ الحكام و السلاطین، الذین تعاقبوا علی كراسی الحكم . و حتی تاریخ الحكام هذا، رأیناه مشوها، و ممسوخا ؛ حیث لم یستطع أن یعكس بأمانة وحیدة الصورة الحقیقة لحیاة أولئك الحكام، و أعمالهم و تصرفاتهم، و ما ذلك الا لأن المؤرخین لم یكونوا أحرارا فی كتابتهم للتاریخ. بل كانوا یؤرخون و یكتبون حسب ما یریده الحكام أنفسهم، و یخدم مصالحهم .. اما رهبة من هؤلاء الحكام، او رغبة، او تعصبا لمذهب، أو لغیره ..

و من هنا ... فلیس من الغریب جدا أن نری المؤرخ یعتنی بأمور تافهة و حقیرة ؛ فیسهب القول فی وصف مجلس شراب، أو منادمة، حتی لا یفوته شی ء منه، أو یختلق و یفتعل أحداثا لم یكن لها وجود الا فی عالم الخیالات و الأوهام، أو یتكلم عن أشخاص لم یكن لهم شأن یذكر، بل قد لا یكون لهم وجود أصلا ... بینما نراه فی نفس الوقت یهمل بالكلیة شخصیات لها مكانتها، و خطرها فی التاریخ، أو یحاول تجاهل الدور الذی لعبته فیه ... و یهمل أو یشوه أحداثا ذات أهمیة كبری، صدرت من الحاكم نفسه، أو من غیره، و من بینها ما كان له دور هام فی حیاة الأمة، و مستقبلها، و أثر كبیر فی تغییر مسیرة التاریخ، أو یحیطها - لسبب أو لآخر - بستار من الكتمان، و الابهام.


[1] و من أراد أن يعرف المزيد عن ذلك، فليراجع : النصائح الكافية لمن يتولي معاوية من ص 72 الي ص 79، و الغدير ج 5 ص 208 الي ص 378، و ج 11 من ص 71 الي ص 103، و ج 9 من ص 218 الي آخر المجلد، و غير ذلك من مجلدات هذا الكتاب و صفحاته و الاحتجاج للطبرسي، و خمسون و مئة صحابي مختلق للعسكري، و غير ذلك كثير.